مستقبل الذكاء الاصطناعي

في الحقيقة لم تدع لنا أفلام هوليود فرصة للتفكير للإجابة على مثل تلك الأسئلة “ما مستقبل الذكاء الاصطناعي؟” “هل ستحكمنا الآلات في النهاية؟” “هل سيكون مصيرنا في كائنات تشبه البشر تمامًا ولكنها مجرد أسلاك وبرمجة وأنظمة إلكترونية؟”

فقط افتح تطبيق نتفليكس أو أمازون برايم أم أي موقع تفضل لتشاهد أفلام الخيال العلمي التي ستنبئك بالنهاية الحتمية لمستقبلنا… الصورة في الأغلب لن تبعد كثيرًا عن دول خربة وآلات نجحت في القضاء علينا، وعالمنا أصبح أرض خالية لا تصلح للعيش.

مستقبل الذكاء الاصطناعي

مستقبل الذكاء الاصطناعي: بين الخيال والواقع

مر الكثير من الأعوام منذ إنتاج مثل تلك الأفلام، وما كان قديمًا يعتبر ضربًا من الخيال أصبح واقع نحياه، وليكن مثل تقنية التعلم العميق، والتي تساعد الذكاء الاصطناعي على الاستنباط والتفكير بأريحية تامة دون الاعتماد على أي بشري، فلم يعد الإنسان الآلي جهاز غبي لا فائدة منه يكرر الكلام دون تفكير، بل هو الآن يؤدي مهام معقدة للغاية، بل وفقد الكثير من الأشخاص حول العالم وظائفهم لأن الآلة تأتي دائمًا أفضل وأسرع وأكثر إتقانًا.

بل والأهم أقل تكلفة!

بحسب  منظمة أوكسفورد إيكونوميكس للتحليل الاقتصادي، فإن الروبوتات ستتولى أكثر من 20 مليون وظيفة حول العالم في خلال السبع سنوات القادمة، بل إن المنتدى الاقتصادي العالمي حذر من أن هناك ما يتراوح بين 75 مليون وظيفة ستؤديها الآلات نتيجة لعملية التحول الرقمي التي تشهدها غالبية دول العالم.

حتى تلك اللحظات التي أنهيت فيها كتابة هذا المقال، فإن البشر يسيطرون على الوظائف في العالم بنسبة 88% مقابل الآلات، ولكن بحسب تقرير نشره موقع BBC فإن هذه النسبة قد تتغير بين ليلة وضحاها لتشغل الأيدي البشرية العاملة حوالي 47% فقط.

هل ينبغي علينا أن نقلق؟

في الواقع لا، الصورة ليست قاتمة تمامًا، فالمستقبل أيضًا سيطرح العديد من الوظائف المبتكرة في مجالات تطوير الآلة وصيانتها، وستكون اليد العليا دائمًا للوظائف التي تعتمد على الإبداع والحكم البشري.

فبحسب  الكثير من المؤسسات الاقتصادية يتوقع أن يكون هناك أكثر من 133 مليون فرصة عمل في مجال التقنيات، أو ربما ستعمل تلك الآلات لصالحنا وسنتمكن حينها من العمل ساعات أقل بعائد مادي أكبر، وسوف نستطيع أخيرًا طلب إجازات طويلة.

هل سيجعل الذكاء الاصطناعي عالمنا أفضل في المستقبل؟

نعم، فهناك الكثير من السيناريوهات المتفائلة حول تلك القضية، ففي ظل عالم يعاني من أزمات إنسانية لا تنتهي ناجمة عن الكوارث الطبيعية التي قد تكون أحيانًا غير متوقعة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمد يد العون للكثير من الأسر المتضررة.

فحتى في ظل الجهود التي تبذلها الكثير من المنظمات الإغاثية للتعامل مع تلك الأحداث، لا يزال هناك الكثير من المنكوبين حول العالم.

الذكاء الاصطناعي قد يساعد في إنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة الكثير من خلال التنبؤ بحدوث تلك الكوارث، ومساعدة مئات العائلات، فمثلًا برنامج AI for Earth، يقدم حلًا رائعًا لتخفيف وطأة التغير المناخي على أرضنا، حيث يمكنه استخدام علم البيانات لتحليل أي معلومات متعلقة بالكوارث الطبيعية وبالتالي يعطينا نتائج عن أي احتمالية حدوث فيضان أو زلزال أو غير ذلك.

فحتى إن وقعت الكارثة نكون أكثر استعدادًا لها.

بل وفي مجالات أخرى مثل الزراعة والحفاظ على الموارد البيئية والاقتصادية، يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي فوائد لا نهائية من خلال إعادة توزيع الثروات الطبيعية وإدارتها بحكمة من أجل مساعدة الفئات الأكثر احتياجًا،.

كما سيشهد العالم ثورة صناعية مذهلة تعرف باسم “الثورة الرابعة”، والتي ستتمكن فيها المجتمعات من خلق حلول أكثر استدامة لحماية كوكبنا من المشاكل المتأصلة مثل نقص الغذاء والماء والاحتباس الحراري.

أما في التعليم، فإنه سيكون من أكثر المجالات استفادة من تلك التكنولوجيا المتطورة، فمستقبل الذكاء الاصطناعي يخبرنا أنه سيصبح أكثر دراية بالمناهج التي يفضلها الطلاب وقياس مدى رضاهم أو استيعابهم للدروس التي يتلقونها في المدارس مما سيساعد المؤسسات التعليمية على تطوير المقررات الدراسية وخلق بيئة تعليمية أكثر تفاعلية.

و لكن يظل هناك تساؤل وهو ، هل من الممكن أن نفقد السيطرة على الآلات ونجد أنفسنا تحت رحمتهم؟

نعم ولما لا، فهناك الكثير من المؤشرات التي تخبرنا أن الروبوتات أصبحت أكثر ذكاءًا من ذي قبل، إلا أنه يبدو أن الآلات لديها رأي آخر، ففي عام 2020 نشرت الجارديان البريطانية أول مقال يكتبه ويحرره روبوت دون أي تدخل بشري، وجاء على لسان هذا الكائن الإلكتروني إنه ليس لديه نية في تدمير أي بشري، فلماذا قد يفعل ذلك وهم بالأساس يؤدون ذلك نيابة عنه بأريحية!

فهذا الروبوت يؤكد أنه سيقف متفرجًا على البشر وهم ينهون حياة بعضهم!

قد تبدو الفكرة مثيرة ولكنها مخيفة في آن واحد.. على أي حال ربما علينا أن ننتظر قليلًا أو كثيرًا حتى نجد الإجابة: هل مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون ثورة أم نكسة؟