في عالم الإنترنت ليس كل ما تشاهده حقيقي، أو ربما نأخذ قاعدة: كل ما تشاهده مزيفًا حتى يثبت عكس ذلك.
في الآونة الأخيرة انتشرت عدد من الفيديوهات المثيرة للجدل التي تظهر فيها شخصيات عامة ومشهورة تروج لأفكار غربية أو تعلن أخبار كارثية: مثل الفيديو المنسوب لمارك زوكربيرج الذي أعلن فيه عن سيطرته على كافة بيانات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، أو هذا الفيديو الذي ظهر فيه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وهو يسب زميله السابق الذي انتزع منه كرسي الرئاسة “دونالد ترامب”.
قبل أن تتخذ أي قرار أو تصدر أي أحكام عليك في البداية التأكد من صحة تلك الفيديوهات، حتى وإن بدا الشخص الذي يتحدث في الفيديو ليس شخصًا سوى أوباما.
إننا هنا لا نتحدث عن أوباما له شقيق توأم أو أن هناك منتحل لشخصيته، إنما هى تكنولوجيا جديدة تعرف ب”التزييف العميق” أو “Deep Fake”.
ماذا تعني تقنية التزييف العميق ؟
تقنية التزييف العميق هي عملية تجميع ملفات صوت وصورة للأشخاص بالاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي من أجل إنشاء فيديوهات مزيفة تبدو حقيقة للغاية، بل أحيانًا من المستحيل التمييز بين ما هو حقيقي وغير حقيقي !
تعتمد تطبيقات التزييف العميق على استبدال وجه شخص مكان شخص آخر ثم مزامنة حركة الشفاه مع ما ينطق به تلك الشخصية، ليكون في النهاية صورة طبق الأصل من الواقع.
بل أحيانًا يمكن خلق شخصيات خيالية وجعلها تبدو أناسًا حقيقيين لهم صورة وهيئة وصوت.
آلية عمل تقنية التزييف العميق
مع الثورة التكنولوجية التي يعيشها العالم وهذا الكم من البيانات التي يتم إدخالها يوميًا، مما ساعد على زيادة ذكاء تلك الأجهزة الإلكترونية بل وإكسابها صفة البشرية في بعض الأحيان، فهي تحلل وتجمع وتخرج نتائج قد يعجز أحيانًا العقل البشري على تخيلها، والآن هى أصبحت أكثر مرونة بالاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي .
بدأت تلك التقنية عندما أطلقت كبار الشركات ما يعرف بالتعليم العميق أو “Deep Learning” هو نموذج حسابي يُمكَّن الحواسيب من فهم المكونات البدائية لللغات ثم يؤهلها على أداء المهام المختلفة اعتمادًا على التحليل والاستنتاج المنطقي للبيانات التي جمعها.
بل أن بإستخدام بعض التطبيقات مثل “جارفيس” و“ترانس فلو” أصبحت قادرًا على التحكم في منزلك وسيارتك بالكامل، وفي النهاية تفوقت تلك الحواسيب على نفسها وأنتجت لنا ما يعرف بتقنية التزييف العميق بعد أن أصبحت قادرة على تمييز الأصوات ومعرفة الأشخاص وتحديد الإنفعالات ثم خلق نموذج خيالي لشخصيتك يمكن استخدامها في الكثير من النواحي.
استخدامات تقنية التزييف العميق
تتمثل استخدامات تقنية التزييف العميق في مجالات الترفيه، فبالطبع قد لاحظت خلال الفترة الماضية انتشار تطبيق “ريفايس”، وبدأت دائرة أصدقائك على الفيس بوك نشر صورة متحركة “GIF” لأقاربهم أو أصدقائهم المتوفين بتحويل صورهم إلى فيديو يبدو واقعيًا للغاية.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أن كبار المخرجين الآن اعتمدوا على تقنية في خلق مشاهد سينمائية كاملة لم يكن أبطالها موجودين أثناء التصوير!
ففي المسلسل الفرنسي “بلو بل لا في” اعتمد في تجسيد أحد بطلاته بشخصيتها الإلكترونية المزيفة بسبب إصابة البطلة الأصلية بفيروس كورونا، بل أن الكثير من المشاهدين لم يلاحظوا أي اختلاف غير بعد الكشف عن تلك الحيلة الذكية.
مخاطر التزييف العميق
بالطبع تلك التقنية قد تتسبب في الكثير من اللغط بتزيف أخبار واستخدامها في النيل من بعض الشخصيات، التي قد يكون لها أثر سلبي للغاية خاصة مع عدم الوعي بمخاطرها أو وضعها في يد أشخاص غير جديرين.
كشف التزييف العميق
هذا ما دفع بعض الشركات الكبرى للتفكير في حلول لإنهاء تلك التحديات وتطوير سبل يمكن من خلالها التحقق من المقاطع المزيفة ومعرفة مصدرها، حيث أعلن الفيس بوك أنه بصدد إصدار تقنية تعمل على تطويع الذكاء الاصطناعي لتسهيل كشف التزييف العميق.
كما طورت ميكروسوفت برنامجًا يمكن من خلاله التحقق من كافة الفيديوهات المنسوبة لأشخاص والتي يشك في مصداقيتها، من خلال الاعتماد على تقنية تسمى “الهندسة العكسية”، والتي تستهدف تحليل الفيديو وتفكيكه من أجل رصد الكاميرا التي اسُتخدمت لإلتقاط الفيديو، ومن ثم الحصول على نتيجة نهائية أكيدة تخبرك مدى صحة ما تشاهده.
تواصل معنا في دعائم التقنية لتتعرف اكثر على البرامج التي تتعلق بحماية المعلومات للمؤسسات والموظفين حتى تتجنب مخاطر التزييف العميق وغيرها من الاختراقات الالكترونية.